ما هو الإحسان ؟
ببساطة هو " الإتقان " ، أن تتقن كل شئ ...و لكن هل هذا الخلق ؟ نعم ، إنه من صميم أخلاق الإسلام إتقان الأعمال – إتقان المعاملة .. ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "
فضل الإحسان : واسمع الآيات القرآنية التى تتحدث عن قيمة المحسن عند الله فى كل شئ وليس فى العبادة فقط .
· يقول الله عز وجل : " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين " .
· ويقول الله تبارك وتعالى " إن رحمة الله قريب من المحسنين " .
· إن رحمة الله قريب من الإنسان الذى يتقن أي شئ يكلف به .
· يقول الله تبارك وتعالى : " واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين " .
· يقول الله تبارك وتعالى : " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنين " . إذن الله مع المحسنين ، والمحسنون فى درجة المتقين .
· يقول الله تبارك وتعالى : " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " والزيادة هى رؤية الله عز وجل ، أيها المحسنون بشرى لكم برؤية الله عز وجل عيانا . أترون قيمة هذا الخلق الضائع بين الناس .
· يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شئ " كتب : أي أنك مطالب ومأمور بالإحسان ، في كل شئ ، أي فى كل صغيرة وكبيرة أنت مطالب أن تكون محسنا . " إن الله كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتل ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته " هل رأيتم المثل الذى اختاره النبي ( كأن تذبح دجاجة ) قد تحسب أنك غير مطالب بالإحسان فيه ،في لحظة إنهاء حياة هذه الدجاجة أنت مطالب بالإحسان .المثال ذكر آخر ما قد تتصور نفسك تفعله (القتل أو الذبح) ، إذن غير ذلك كله أنت مطالب بالاحسان فيه .
ألا ترى أن هذا الخلق ضائع منا ، خصوصا نحن المصريون لدينا مشكلة تسمى (الفهلوة ) ونعتقد أنها شطارة / تميز ، مع أنها عكس ( الإحسان ) ، وهى دليل على سوء خلق " إن الله كتب الإحسان على كل شئ " . " وليحد أحدكم شفرته " دليل على أننا لا يكفى أن نأخذ نية الإحسان ولكن لابد من الأخذ بالأسباب ( أدوات الإحسان ) ، أن تحسن وأنت تقتل أو تذبح ذبيحة فكر فى أحسن الأدوات اللازمة لكى تحسن هذا العمل ( تحد السكين ) . وأنت تراجع دروسك – عليك أن تختار المكان المناسب والوقت المناسب لذلك .. .
هل أصبح المعنى أوضح ؟ .
انظر الى الله عز وجل كيف أحسن إلينا ، سندقق الآن في صفة من صفات الله عز وجل لنتعلم منها ونأخذ بها.
يقول الله تبارك وتعالى : " الذى أحسن كل شئ خلقه " فى كل شئ هل تلاحظ وجود أي نقص فى خلق الله تعالى ، أي اعوجاج أي قصور فى خلقه تبارك وتعالى لن تجد .
يقول تبارك وتعالى " وزيناها للناظرين ، فأرجع البصر هل ترى من فطور " وهو يصف السماء ويسألك أن ترجع البصر وتنظر هل سترى أى اعوجاج؟؟؟ هل ترى أى قصور ؟ ؟؟؟كان من الممكن أن يجعل الله عز و جل للسماء وقت الشروق ووقت الغروب لونين فقط أبيض وأسود ، لكن انظر لجمال المنظر وتعدد الألوان ، انظر للإحسان فى الخلق .. إنه بديع السموات والأرض . انظر الى نفسك ، يقول الله تبارك وتعالى :" لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم " أي خلقتك على أكمل ما يكون انظر الى العينين ومكانيهما ، إلى اللسان و مكانه ، انظر الى جسدك … انظر الى الحيوانات كيف أحسنت خلقها بمختلف أنواعها ؟ " الذى أحسن كل شئ خلقه " . تعلموا من الله ، وتحلوا بهذا الخلق الجميل . يقول الله تبارك وتعالى : "وصوركم فأحسن صوركم" نتعلم منها أن " وأحسن كما أحسن الله إليك " . يقول الله تبارك وتعالى : "الله أنزل أحسن الحديث" أحسن الله خلق الكون ، وأحسن إليك ، وأحسن فى كتابه المنزّل عليك فأنزل فيه أحسن الحديث.
نماذج الإحسان فى حياتنا .
الإحسان فى العبادة
إن آداءك للصلاة عبادة ، لكن إحسانك آدائها خلق ( أن تؤدى الصلاة على أفضل ما يكون ) أرأيت علاقة الأخلاق بالعبادات ....كيف تحسن فى العبادة ؟ .
جاء جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم : قال : يا محمد اخبرني عن الإسلام ، فقال : أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ، قال : فأخبرني عن الإيمان : قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيرة وشره ، قال :فأخبرني عن الإحسان : قال : أن تعبد لله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
هل تستطيع أن تحسن بهذا الشكل، أن تصلى ركعتين لله وكأنه ينظر إليك وتنظر إليه : تعالوا لنجرب...لم لا نجرب ذلك و نتذوق حلاوته ، أن نعبد الله كأننا نراه ، فإن لم نكن نراه نستشعر مراقبته الشديدة لنا فى كل خطوة ليس فى الصلاة فقط ، لكن اعلم أنه عز و جل مطلع علينا في كل لحظة من لحظات حياتنا في كل حركاتنا و سكناتنا وأنا أضحك ... الله مطلع علي... الآن وأنا أتحدث إلى صديقي – الله مطلع علي الآن وأنا أدخل حجرتي لأنام – الله سيأخذ روحي الآن ، هل تستطيع أن تقضي يوما من عمرك محسنا في كل شيء ؟
الإحسان بالوالدين
يقول عز و جل : " وبالوالدين إحسانا " جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : - يا رسول الله أبايعك على الهجرة والجهاد ، فقال له النبي : هل من والديك احد حي ؟ قال نعم : بل كلاهما ، قال : أتبتغى الآجر ؟ قال : نعم يا رسول الله قال : : فارجع الى والديك فأحسن صحبتها " هل تستطيع أن تحسن لوالديك بنية الفوزبالآجر؟؟؟، خلق الإحسان : ليس محدودا يا إخوتي أو له نهاية ، كل ما تزيد إحسانا و تطبق الإحسان في كل ما تفعل كلما ترتقى عند الله ، أنت لست مطالبا بشئ بعينه . حتى أن الله تعالى قال " وبالوالدين إحسانا " فقط دون تفصيل و تركك لتحسن بطريقتك ... أرنى إذن كيف ستكون نظرة عينك إليهما ، كيف ستكون معهما نبرة صوتك ، كيف ستكون ملامح وجهك وأنت تقول لأمك : هل أنت بحاجة لشئ ؟ أنا الآن لست أعلمك حديثا رقيقا لتقوله لهما ولكنني أتحدث عن إحسانك لهما و هو يتجسد في نبرة صوتك معهما وملامح وجهك . أن تقبل أيديهما ، وقد ذكرنا ذلك فى خضم حديثنا عن التواضع ، لكن قد تسأل ترى كيف يكون الإحسان في تقبيل أيديهما ؟
الإحسان للبنات
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من رجل تدرك له ابتنان أو أخان فيحسن إليهما ما صاحبها أو صاحباه إلا أدخلتاه الجنة " . كيف أحسن للبنات ؟ ذلك في طريقة معاملتك معهن ، في النصيحة لهن ، في إعانتهن على طاعة الله ، أنظر الى النبي صلى الله عليه وسلم وإحسانه الى فاطمة رضى الله عنهما : كانت لا تدخل عليه إلا و قام لها وقبلها من رأسها ، انظر كيف أن الأب هنا هو الذى يفعل ذلك ،ترى كم من أب يفعل ذلك مع ابنته ؟ عندما تزوجت السيدة فاطمة سيدنا علي سكنا بعيدا عن بيت النبي وعن المسجد النبوي ، فذهب النبي لرجل يسكن بجوار المسجد النبوي و قال له : إنى لا أطيق فراق فاطمة ، هل أشتري منك البيت ليأتي على وفاطمة ويسكنا بجواري ؟ فقال له الرجل : يا رسول الله أنا وبيتى فى سبيل الله . لذلك كل من يدخل الروضة سيجد مكان بيت السيدة فاطمة ملاصقا لبيت النبي صلى الله عليه وسلم
والآن ونحن نعيش القرن العشرين كيف ستحسن لابنتك ؟ أنصحك بأن تصادقها حتى لا تخفي عنك شئ، الكثيرات منهن يخدعن اليوم باسم الحب ، اسمع منها واصبر عليها وأنا أرى أن هذا هو أفضل سبل الإحسان في هذا الزمن الصعب الذى نعيشه .
الإحسان فى التحية
يقول الله تبارك وتعالي : " إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها " . حتى عند التحية أنت مطالب بالإحسان ، إذا مد يده مدها أنت أيضا ، إذا ابتسم إليك رد عليه بابتسامة أوسع .
الإحسان فى الجدال
أجل حتى عند اختلاف وجهات النظر . يقول الله تبارك وتعالى : " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)" سورة النحل كيف يكون ذلك ؟ إن أبدى رأيا يخالفك ماذا سترد عليه هل ستقول له : لا لا ما هذا الهراء ؟ أو ستقول لا أنا معترض على هذا الحديث؟؟ كيف ستكون محسنا هنا ؟ تستطيع أن تجيبه قائلا : كلام حضرتك جميل لكن أنا عندى رأي أخر أريد أن أقوله . انظر للنبي صلى الله عليه وسلم كيف يجادل بالتى هى أحسن : - جاءه عتبة بن ربيعة فقال : يا أبن أخي إنى عارض عليك أمورا فقال له النبي : قل يا أبا الوليد فإني أسمع : فعرض عليه أشياء سخيفة جدا ، عرض عليه أموالا ، وأن يتزوج من أجمل فتيات قريش ، وأن تكون له العزة والمكانة ، وأن يعالجوه إذا مرض كل ذلك في سبيل أن يترك ما يدعو إليه فقال له النبي : أفرغت يا أبا الوليد ، قال : نعم ، قال : فاسمع منى … أرأيت كيف يكون الجدال بالحسنى ، بعيدا عن العصبية ، يؤخذ على المتدينين أنه إذا جاء أحد وتحدث عن الدين والمتدينين بطريقة ما يثور ويتعصب ، ولا يجادل فى هدوء ، ليتنا تعلمنا عن النبي ، ليت قنواتنا الفضائية تتعلم كيف يكون الجدال بالحسنى ، وأدب الحديث .
الإحسان فى الكلام
تختار أرق الكلام إذا تحدثت ،هل تستطيع وأنت خارج من المنزل أن تسأل والدتك "نفسك فى حاجة " بدلا من " عايزة حاجة ؟ " فالرقة فى نبرة الصوت والكلمة الحلوة لم يكلفاك شئ . انظر للنبي صلى الله عليه وسلم في اختياره للكلمات الحلوة . كان أحد البدو يدعى " زاهر " وقد كان ذميما ، وكان غليظا لأنه من البادية ، فكان الصحابة لا يحبون التعامل معه كثيرا وينفرون منه إلا النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامله برقة شديدة وكان يتودد إليه ، فبينما كان النبي يمر في السوق إذا " زاهر " يقف وسط السوق وكل الصحابة بعيدون عنه ، لا أحد يقف معه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم من ظهره واحتضنه ، فقال زاهر و هو ذو الشخصية الغليظة . من هذا ؟ أرسلني ، يقول الراوي : ففتح النبي ذراعيه، فاستدار فوجد النبي صلى الله عليه وسلم فاتحا ذراعيه ، فيقول زاهر ": فما فرحت بشئ كملاصقتي لجسد النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذ النبي بيدى ووقف فى السوق يقول : من يشترى هذا العبد ؟ من يشترى هذا العبد ؟ فيقول زاهر : إذن تجدنى كاسدا يا رسول الله ، فيقول النبي : لكنك عند الله غال – أترون رقة الكلام ، إن كنت كاسدا فى عالم الناس ، فمقامك عند الله عظيما أيها الرجل .
إذن ما أحسن الكلام ؟ أحسن الكلام الدعوة إلى الله . يقول الله تبارك وتعالى : " ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا " . إذا أردت أن تكون محسنا في كلامك ، اجعل كلامك عن الدين ، عن الإسلام .
الإحسان فى الزواج
يقول الله تبارك وتعالى : " وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ " من الآية 19 من سورة النساء ، يقول العلماء فى تفسيرهم لهذه الآية إنه ليس معناها أن تعاملهم بالمعروف عندما يحسن إليكم ولكن معناها أن عندما تسيئ إليك تحسن أنت إليها . تحسن فى إختيارك للزوجة ، تبحث عن أصل أهلها ، عن والدتها ، عن دينها ، عن أخلاقها ، هل تحرص على الصلاة أم لا ؟ ابحث عن الصدق فيها و ليس جمالها فحسب .
خلق الإحسان خلق يمكن أن يشمل الدين كله ، يقول عنه ابن القيم : " هو لب الإيمان ، وروح الإيمان ، وكمال الإيمان هذا الخلق خلق الإحسان " . ولو جمعنا فضائل الأعمال كلها من صلاة وصيام وذكر وقرآن لدخلت تحت الإحسان . من الإحسان أيضا فى قوله تعالى : " وعاشروهن بالمعروف " الإحسان فى المسكن : مثلا : كل زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كنّ يسكنّّ بالمسجد النبوي – منطقة صحراوية – فلما تزوج " ماريا المصرية " أسكنها النبي فى مكان يسمى " العوالي " – مكان كله خضرة وزرع حتى يتناسب و طبيعة البيئة المصرية التي كانت تعيش بها السيدة ماريا – أترى إحسان النبي فى اختياره مسكن الزوجية ، وهو المنشغل بإصلاح أمة . لكن ليس معنى ذلك أنك لابد وأن تسكنها فى شقة على النيل باهظة التكاليف وتقول أن هذا من الإحسان ، لا ولكن توفر لها مستوى قريبا من الذى كانت تعيشه .
الإحسان حتى عند الطلاق
يقول لله تبارك وتعالى : "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ " -من الآية 18 من سورة الزمر- هل بلغ الإحسان حاسة السمع ؟؟؟ إذن ماذا ستختار لأذنك عندها ؟ نعم يبلغ الإحسان ذلك أيضا. لا تسمع أذنيك كلاما هابطا ، كلاما بذيئا ... كلاما ليست له قيمة . الاحسان عند مراجعة الدروس : أن تحس وتتقن الدراسة ، تقول لا أنا شاطر وأعلم كيف أنجح دون تعب شديد فى المذاكرة ، ودائما أنجح بسهولة . نعم أنت أمام الناس ناجح ، لكن أمام الله أنت غير محسن ، وأنت فى هذا الخلق تتعامل مع الله وليس مع الناس .
إحسان ربة البيت فى منزلها
فى ترتيب وتنظيف البيت ، في طهي الطعام ، فى تربية الأولاد . تخيلي أنك كلما أتقنت عملك في البيت أكثر كلما كتبت عند الله محسنة بدرجة أكبر . إن كنا نريد أن نبنى مصانعا ، سدودا ، و ننجز مشاريعا ، نقطة البداية ستكون من هنا: بــــــــــــالإحسان .
الإحسان مع الحيوان
لتتعلم جماعات الرفق بالحيوان من النبي صلى الله عليه وسلم : جاء في الحديث الذى رواه الإمام مسلم فى مسنده " أن بينما رجل قد أضجع شاته – أي أنامها لكي يذبحها – ثم أخذ شفرته يحدها ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أتريد أن تميتها مرتين ؟ فقال : وكيف ذلك ؟ قال : هل أحديت شفرتك ثم أضجعتها ؟ . أليس عظيما هذا الدين الذي طبّق في كل أمور حياتنا وعلمنا الإحسان فى كل شئ .
الإحسان فى مهنتك
ليتنا نجد منتجا و قد كتب عليه " صنع فى مصر " فنعلم أن من أنتجه مصري مسلم ، و نعلم عندها أن هناك مكان للإحسان في صناعاتنا فنقتنيه . لكن ما يحدث أننا عندما نعلم أن هذه السيارة مثلا ركّبت في مصر يعتريك فورا شك حيالها و تقفز إلى ذهنك عبارة "إياك أن تشتريها" ، اشتر التى ركّبت في إيطاليا فذلك أضمن ... !!!! لماذا ؟ لأنهم يتقنون ، يحسنون.. أما نحن فلسنا بمحسنين . أرأيت كيف يمكن أن يكون المسلم نموذجا سيئا للمسلمين ، و قد بلغ الأمر بالأجنبي الذي اعتنق الإسلام أن قال : الحمد لله أني قد أسلمت قبل أن أرى المسلمين ، لأن أخلاقنا وطبائعنا ليس لها علاقة بالإسلام .
انظر لسيدنا يوسف : كيف كان محسنا في إدارة شؤون الدولة ( مصر ) ويضع سياسة للتخزين ، ويضع سياسة للاستهلاك .
قال : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ(47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ(48)- . سورة يوسف
· دأبا – زيادة في الإنتاج
· ذروه في سنبلة – سياسة للتخزين
· يأكلن ما قدمتم لهن – استهلاك بترشيد .
ما هذا ؟ نبي أنت يا سيدنا يوسف أم أنك وزير اقتصاد ..إنّه الإحسان أرأيت الإحسان وعلاقته بالتخطيط والإدارة .
هل تفخر و تعتز بدينك أم لا ؟ أتستشعر كم هو عظيم ويتسم بالشمولية ؟؟
الإحسان فى الحرب
يقول النبي للجيش فى غزوة مؤتة عند خروجهم " انطلقوا باسم الله ، على ملة رسول الله ، لا تقتلوا شيخا فينا ، لا تقتلوا أمرآة ، لا تقتلوا صغيرا ، لا تقتلوا رضيعا ، لاتهدموا بناءا لاتحرقوا شجرا ، لا تقطعوا نخلا ، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " . إنه جيش محسن ، هل سمعت بحياتك هذا التعبير ؟ الإحسان وأنت تقتل الكافر : - يقول الله عز وجل :- " فَإِذا لَقِيتُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ" من الآية 04 من سورة محمد. حدد الله مكان الضرب عند القتل – عند الرقبة – والضرب أي مباشرة دون تعذيب وقد حدد الله من قبل مكان الضربة القاتلة للملائكة في غزوة بدر في قوله تعالى : "فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ" من الآية 12 سورة الأنفال لأنها أسهل نقطة للقتل مباشرة دون تعذيب حتى مع الكفار ؟ نعم أترون عظمة هذا الدين الذي يحسن حتى للكافر وهو يموت .
بقيت نقطتين فى الإحسان : -
الأولى: أنك قد تعترض وتقول لماذا تطالبني أنا بالإحسان ، كيف سأكون الوحيد الذى لا يرمى ورقة في الشارع ، الجميع يفعلون ذلك ، وليس هناك من يحسن في هذا الأمر . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تكونوا إمّعه ، تقولون : إن أحسن الناس أحسنا ، وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا انفسكم فإن أحسن الناس أحسنوا ، وإن أساءوا لا تظلموا " صلى الله عليه وسلم . وطنوا أنفسكم: أي اضبطوا أنفسكم وأخلاقكم. هذا هو المسلم المتفرد الذى يضبط نفسه وخلقه ، و لا يقول أنا جزء من هذه البيئة فأفعل ما يفعلون و أترك ما يتركون ، إذن ماذا أضاف اليك الإيمان ؟ وذهابك للمسجد .
النقطة الثانية :
إنى خائف على بعض الناس والتى ستنوى الإحسان بعد سماعها لهذا الدرس من أن تصاب ببعض الوسوسة. مثال : " سلمت على والدتك وقلت لها إزيك ؟ ثم خرجت وعدت ثانية لتقول لها إزيك جدا ؟ حتى تكون محسنا " ربة المنزل تستشعر أن الطعام ينقصة ¼ ملي كمون حتى تكون محسنة فى طهيها … أجل لقد ذكرت أن الإحسان هو الكمال والتفرد فى أدائك للأعمال ، لكن ليس هناك فى الإسلام مبالغة ، و وسوسة ، و مثالية . أي خلق فى الإسلام له طرفان والإسلام يطلب منك أن تكون فى وسطيا .
مثال :
· الشجاعة وسط بين التهور والجبن
· الكرم وسط بين البخل والإسراف
· الإحسان وسط بين الفهلوة والوسوسة والمبالغة
" سددوا وقاربوا " حاول أن ترتقى اليوم أن تحسن في حديثك ، فى السماع .
هل نوينا التغيير ، هل نوينا ألا نفضح الإسلام والمسلمين بسوء أخلاقنا ، ألم تحضر هذا الدرس ، ألم ترتدى الحجاب ابدأي إذن فليس ارتدائك الحجاب هو النهاية بل البداية فى المطلوب منك ، أنت أصبحت منبرا متحركا للإسلام ، دالة عليه أحسنى إذن فما أعظم هذا الخلق ، اتقنوا كل شئ .. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبة أجمعين .