ولد عبد الحميد بن باديس في قسنطينة عام 1889 م في أسرة معروفة بالعلم و الثراء،و كان
والده الشيخ محمد المصطفي بن مكي بن باديس صاحب مكانة معروفة في قسنطينة.
حفظ القرآن الكريم، ثم سافر إلى تونس ليدرس في جامع الزيتونة حيث نال الشهادة عام
1911 م ثم درّس به عاما بعد تخرجه، ثم رجع إلى الجزائر عام 1913 ، و بدأ التدريس في
الجامع الكبير في قسنطينة مدة من الزمن ثم قرر أن يسافر إلى الحجاز للحج.
و في المدينة المنورة درس عند كثير من شيوخها، و أخذ عنهم العلم. و في المسجد
الشريف عند الروضة الشريفة التقى بالشيخ محمد البشير الإبراهيمي الذي كان قد ه ا جر
مع أسرته إلى المدينة، فأصبحا صديقين و صارا يفكران معا في مشاكل الجزائر، و
البحث عن حلول لهذه المشاكل.
أراد عبد الحميد بن باديس البقاء في الحجاز في أرض العلم و العلماء، لكن أحد شيوخه
نصحه أن يرجع إلى الجزائر ليساهم في إصلاح أبناء بلده.
و لما عاد إلى الجزائر ف ّ كر في إنشاء جمعية تجمع العلماء الجزائريين ليفتحوا مدارس
لتربية النشء و تعليم الناس لغتهم و دينهم.
و في عام 1931 انعقد بنادي الترقِّي بالجزائر العاصمة مؤتمر حضره العلماء الجزائريون
لتأسيس " جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، و انتخبوا الشيخ عبد الحميد بن باديس
رئيسا للجمعية، التي بدأت نشاطها في محاربة الجهل و فتح المدارس الحرة في ربوع
الوطن.
نشاطه
كان الإمام عبد الحميد بن باديس رئيس الجمعية، نحيل الجسم ضعيف البنية لكنه كان
جذوة مشتعلة من النشاط و الحيوية، فكان يعلم الصغار في الصباح، و الكبار في المساء،
و يشرف في الوقت نفسه يتابع نشاطه الصحفي و إدارة الجمعية، أما وقت فراغه
فيقضيه في التجوال في البلاد لتوحيد الصفوف و إنشاء المدارس و المساجد و النوادي و
بعث الحركة الإصلاحية في المدن و القرى.
و لم يمض ذلك كله دون أن يؤثر على صحته تأثيرا بالغا، فأصبح في أواخر عمره كما
يقول المثل " أشلاء في همة في ثياب"، حتى وافته المنية يوم 16 أفريل 1940 ، هذا اليوم
الذي أصبح فيما بعد يوما مشهودا يوما للعلم.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.